من جواهر الأدب
4 مشترك
:: فضفضة بنات :: دفتري
صفحة 1 من اصل 1
من جواهر الأدب
يروى أن المهلب لما فرغ من أمر عبدربه الحروري ( أحد الخوارج ) دعا بشر بن مالك فأنفذه بالبشارة إلى الحجاج ، فلما دخل على الحجاج قال : ما اسمك ؟ قال : بشر بن مالك ، فقال الحجاج : بشارة ومُلك ، كيف خلّفت المهلب ؟ قال : خلّفته وقد أمِنَ ما خاف ، وأدرك ما طلب ، قال : كيف كانت حالكم مع عدوكم ؟ قال : كانت البُداءة لهم والعاقبة لنا . قال الحجاج : العاقبة للمتقين ، فما حال الجُند ؟ قال : وسِعَهم الحق ، وأغناهم النفل ( الغنيمة ) ، وإنهم لمع رجل يسوسهم بسياسة الملوك ويقاتل بهم قتال الصُعلوك ، فلهم منه برّ الوالد ، وله منهم طاعة الولد ، قال : فما حال ولد المهلب ؟ قال : رُعاة البيات حتى يأمنوا ، وحماة السرج حتى يرُدُّوه ، قال : فأيهم أفضل ؟ قال : ذلك إلى أبيهم ، قال : وأنت أيضا ، فإني أرى لك لسانا وعبارة ، قال : هم كالحلقة المفرغة لا يُدرى أين طرفاها ، قال : ويحك !! أكنت أعددت لهذا المقام هذا المقال ؟ قال : لا يعلم الغيب إلا الله ، فقال الحجاج لجلسائه : هذا ـ والله ـ الكلام المطبوع ، لا الكلام المصنوع .
----------------------------------------------------------------------------
لما عزم معاوية على البيعة ليزيد ، كتب إلى زياد أن يوجَّه إليه بوفد أهل العراق فبعث إليه بوفد البصرة والكوفة ، فتكلمت الخطباء في يزيد والأحنف بن قيس ساكت ، فلما فرغوا قال : قل يا أبا بحر فإن العيون إليك أشرع (أكثر) منها إلى غيرك ، فقام الأحنف فحمد الله ، وأثنى عليه ، وصلى على نبيه صلى الله عليه وسلم ثم قال : يا أمير المؤمنين ، إنك أعلمنا بيزيد في ليله ونهاره ، وإعلانه وإسراره ، فإن كنت تعلمه رضا ، فلا تشاور فيه أحدا ، ولا تقم له الخطباء والشعراء ، وإن كنت تعلم بُعدَه من الله ، فلا تزوده من الدنيا وترحل أنت إلى الآخرة فإنك تصير إلى يوم يفر المرء من أخيه ، وأمِّه وأبيه ، وصاحبته وبنيه . فكأنه أفرغ على معاوية ذنوب ( الدلو الملأى ) ماء بارد .
قال له : أقعد يا أبا بحر ، فإن خيرة الله تجري ، وقضاءه يمضي ، وأحكامه تنفذ ، ولا معقب لحكمه ، ولا راد لقضائه ، وإن يزيد فتى بَلوْناه ولم نجد في قريش فتى هو أجدر بأن يجتمع عليه منه .
فقال : يا أمير المؤمنين أنت تحكي عن شاهد ، ونحن نتكلم عن غائب وإذا أراد الله شيئا كان .
-----------------------------------------------------------------------------
جلس المأمون يوما للمظالم فكان آخر من تقدم إليه ، وقد همّ بالقيام امرأة عليها هيئة السفر ، وعليها ثياب رثة فوقفت بين يديه فقالت : السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته . فنظر المأمون إلى يحيى بن أكثم . فقال لها يحيى : وعليك السلام يا أمة ، تكلمي في حاجتك ، فقالت :
يا خير منتصف يُهدى له الرشد ويا إماما به قد أشرق البلد
تشكو إليك عميد قوم أرملـــــة عدا عليها فلم يترك لها سبد
وابتزّ مني ضياعي مَنْعتهــــا ظلما وفرّق مني الأهل والولد
فأطرق المأمون حينا ثم رفع رأسه إليها وهو يقول :
في دون ما قلتِ زال الصبر والجلد عني وأقرح منــي القلــب والكبــدُ
هذا أوان صلاة العصر فانصرفي واحضري الخصم في اليوم الذي أعِدُ
والمجلس السبت إن يُقضَ الجلوس لنا ننصفك منـه وإلا المجــلس الأحــدُ
فلما كان يوم الأحد جلس فكان أول من تقدم إليه تلك المرأة فقالت : السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته فقال : وعليك السلام . أين الخصم ؟ فقالت : الواقف على رأسك يا أمير المؤمنين ، وأومأت إلى العباس ابنه فقال : يا أحمد بن أبي خالد خُذ بيده فأجلسه معها مجلس الخصوم ، فجعل كلامها يعلو كلام العباس . فقال لها أحمد بن أبي خالد : يا أمة الله إنك بين يدي أمير المؤمنين وإنك تكلمين الأمير فاخفضي من صوتك . فقال المأمون : دعها يا أحمد ، فإن الحق أنطقها وأخرسه ، ثم قضى لها بردّ ضيعتها إليها ، وأمر بالكتاب لها إلى العامل ببلدها أن يوفر لها صيعتها ويحسن معونتها وأمر لها بنفقة .
----------------------------------------------------------------------------
لما عزم معاوية على البيعة ليزيد ، كتب إلى زياد أن يوجَّه إليه بوفد أهل العراق فبعث إليه بوفد البصرة والكوفة ، فتكلمت الخطباء في يزيد والأحنف بن قيس ساكت ، فلما فرغوا قال : قل يا أبا بحر فإن العيون إليك أشرع (أكثر) منها إلى غيرك ، فقام الأحنف فحمد الله ، وأثنى عليه ، وصلى على نبيه صلى الله عليه وسلم ثم قال : يا أمير المؤمنين ، إنك أعلمنا بيزيد في ليله ونهاره ، وإعلانه وإسراره ، فإن كنت تعلمه رضا ، فلا تشاور فيه أحدا ، ولا تقم له الخطباء والشعراء ، وإن كنت تعلم بُعدَه من الله ، فلا تزوده من الدنيا وترحل أنت إلى الآخرة فإنك تصير إلى يوم يفر المرء من أخيه ، وأمِّه وأبيه ، وصاحبته وبنيه . فكأنه أفرغ على معاوية ذنوب ( الدلو الملأى ) ماء بارد .
قال له : أقعد يا أبا بحر ، فإن خيرة الله تجري ، وقضاءه يمضي ، وأحكامه تنفذ ، ولا معقب لحكمه ، ولا راد لقضائه ، وإن يزيد فتى بَلوْناه ولم نجد في قريش فتى هو أجدر بأن يجتمع عليه منه .
فقال : يا أمير المؤمنين أنت تحكي عن شاهد ، ونحن نتكلم عن غائب وإذا أراد الله شيئا كان .
-----------------------------------------------------------------------------
جلس المأمون يوما للمظالم فكان آخر من تقدم إليه ، وقد همّ بالقيام امرأة عليها هيئة السفر ، وعليها ثياب رثة فوقفت بين يديه فقالت : السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته . فنظر المأمون إلى يحيى بن أكثم . فقال لها يحيى : وعليك السلام يا أمة ، تكلمي في حاجتك ، فقالت :
يا خير منتصف يُهدى له الرشد ويا إماما به قد أشرق البلد
تشكو إليك عميد قوم أرملـــــة عدا عليها فلم يترك لها سبد
وابتزّ مني ضياعي مَنْعتهــــا ظلما وفرّق مني الأهل والولد
فأطرق المأمون حينا ثم رفع رأسه إليها وهو يقول :
في دون ما قلتِ زال الصبر والجلد عني وأقرح منــي القلــب والكبــدُ
هذا أوان صلاة العصر فانصرفي واحضري الخصم في اليوم الذي أعِدُ
والمجلس السبت إن يُقضَ الجلوس لنا ننصفك منـه وإلا المجــلس الأحــدُ
فلما كان يوم الأحد جلس فكان أول من تقدم إليه تلك المرأة فقالت : السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته فقال : وعليك السلام . أين الخصم ؟ فقالت : الواقف على رأسك يا أمير المؤمنين ، وأومأت إلى العباس ابنه فقال : يا أحمد بن أبي خالد خُذ بيده فأجلسه معها مجلس الخصوم ، فجعل كلامها يعلو كلام العباس . فقال لها أحمد بن أبي خالد : يا أمة الله إنك بين يدي أمير المؤمنين وإنك تكلمين الأمير فاخفضي من صوتك . فقال المأمون : دعها يا أحمد ، فإن الحق أنطقها وأخرسه ، ثم قضى لها بردّ ضيعتها إليها ، وأمر بالكتاب لها إلى العامل ببلدها أن يوفر لها صيعتها ويحسن معونتها وأمر لها بنفقة .
من كتاب / جواهر الأدب للمؤلف: أحمد الهاشمي
منقول
رد: من جواهر الأدب
هذا ـ والله ـ الكلام المطبوع ، لا الكلام المصنوع
اعجبتنيـ ذيـ الجملهـ
يسلموا نبروستيـ
اعجبتنيـ ذيـ الجملهـ
يسلموا نبروستيـ
:: فضفضة بنات :: دفتري
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى